المسؤولية التقصيرية ونظرية التعسف في استخدام الحقوق

 دراسة تشريعية وقضائية

يجمع الفقه والقضاء على أن الأساس القانوني لنظرية التعسف في استعمال الحق هو الخطأ في المسؤولية التقصيرية، وأن التشريعات الوطنية ومنها الدستور الأردني في المادة 101 منه جَعل اللجوء إلى المحاكم حق دستوري. (مبدأ مستقى من قرار النقض السابق رقم 914/2020).

حيث ان المسؤولية عن استعمال الحق في التقاضي ينظر إليها من ناحيتين :
-الأولى : أن الحق في التقاضي من الحقوق المشروعة والمباحة ومن ثم فالأصل أنه لا يترتب على استعماله المساءلة بالتعويض لمن يلحق به ضرر من هذا الاستعمال.
-الثانية : ليس من المقبول إطلاق الحرية للأهواء والتجاوزات الإجرائية دون قيد خاصة وأن الأمر يتعلق بإجراءات تتم أمام مرفق القضاء وهو مرفق عام الأصل فيه أن يباشر عمله بالمجان، ومن هنا وجب عدم التعسف في استعمال الحق في التقاضي والانحراف به عن الغاية منه وهي تحقيق مصلحة مشروعة للمتقاضي . (مبدأ مستقى من قرار النقض السابق رقم 914/2020).
اعتنق المشرع الأردني فكرة ربط قبول الدعوى أو الطلب أو الدفع بفكرة المصلحة الشخصية والمباشرة والقائمة والمشروعة طبقاً للمادة 3 من قانون أصول المحاكمات المدنية. (مبدأ مستقى من قرار النقض السابق رقم 914/2020).

يجوز إثبات ضوابط استعمال الحق المنصوص عليها في المادة ( 66) مدني بجميع طرق الإثبات بما فيها القرائن ويتوجب على محكمة الاستئناف استعراض بينات الدعوى وأسباب ومنطوق الحكم برد دعوى المنافسة غير المشروعة وتوابعها للوصول إلى بيان ما إذا كانت المدعى عليها متعسفة باستعمال حقها أم لا ، وإن ما نصت عليه المادة (101) من الدستور لا تكفي للقول بعدم مسؤولية المميز ضدها عن الضرر الذي لحق بالمميز في حال ثبوته وتوافر إحدى الضوابط المشار إليها آنفاً .

وإن كان القانون المدني قد بين نطاق استعمال الحق وإساءة استعماله في المواد (61-66) منه، إلا أننا نجد أن قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية رقم (15) لسنة 2000 عالج هذا الأمر في نص المادة (3) منه وفي فقرتها (ج/4). (مبدأ مستقى من قرار النقض السابق رقم 1093/2021) إن المستفاد من النص أعلاه أن هناك دعويين للمطالبة بالتعويض عند إقامة دعوى المنافسة غير المشروعة وهما:

الأولى : تتمثل بالتعويض عن الضرر الناتج عن استعمال حق إقامة الدعوى.
-الثانية : تتمثل بالتعويض عن الضرر الناتج عن استعمال حق تقديم الطلب المستعجل للحجز على البضائع ووقف إنتاجها.
وعلى محكمة الاستئناف في معالجتها لهذا الطعن إلى بحث ضوابط استعمال الحق المنصوص عليها في المادة (66) من القانون المدني، دون مراعاة المادة (3) من قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية السالف الإشارة إليها التي وردت في قانون خاص وهي أولى بالتطبيق من القانون العام – القانون المدني -(مبدأ مستقى من قرار النقض السابق رقم 1093/2021)

حيث يكفي لغايات الحكم بالتعويض عن الكسب الفائت أن تكون فرص تحقيق هذا الكسب أمراً محتملاً ويكون تفويتها أمراً محققاً يستوجب التعويض عنه ولا يدخل في الحساب عند تقدير التعويض أن يكون الضرر متوقعاً أو غير متوقع ففي المسؤولية التقصيرية يشمل التعويض كل ضرر مباشر متوقعاً كان هذا الضرر أو غير متوقع ، ويجب أن يكون التعويض من تاريخ إقامة دعوى المنافسة غير المشروعة ولغاية اكتساب الحكم فيها للدرجة القطعية . (مبدأ مستقى من قرار النقض السابق رقم 1093/2021)

وان على محكمة الاستئناف وعند تقدير في التعويض مدار الدعوى هذه مراعاة التعويض عن الضرر جراء استعمال حق تقديم الطلب المستعجل للحجز على البضائع ووقف إنتاجها و الضرر الناتج جراء استعمال حق إقامة الدعوى وعليها أن تراعي في تقدير التعويض أيضاً الفترة التي يتعين تقدير التعويض عنها عن بدل الحرمان أو الكسب الفائت والمتمثل بالتعويض عن الضرر جراء استعمال حق تقديم الطلب المستعجل للحجز على البضائع ووقف إنتاجها مع مراعاة الحد الأدنى من قيمة التعويض وفقاً لقيمة الكفالة المقدمة لغايات إلقاء الحجز الاحتياطي على البضاعة وفقاً للمادة (3/ب/2) من قانون المنافسة والأسرار التجارية (مبدأ مستقى من قرار النقض السابق رقم 1093/2021).

إن قرار الحجز الاحتياطي المقدم مع الدعوى الموضوعية وإن تقرر رده فإنه يبقى قراراً مستعجلاً صادراً على ذمة الدعوى الموضوعية والمراكز القانونية لطرفي الدعوى لا تتحدد إلا بتاريخ اكتساب الحكم الصادر بالدعوى الموضوعية بوقف المنافسة غير المشروعة للدرجة القطعية ومن هذا التاريخ يحسب التعويض عن بدل الحرمان أو الكسب الفائت ومن تاريخ اتخاذ الإجراءات في الحجز الاحتياطي الواقع في 28/5/2002 وإن تقرر رد طلب الحجز الاحتياطي من محكمة الاستئناف (قرار تمييز حقوق رقم 1566/2005). (مبدأ مستقى من قرار النقض السابق رقم 1093/2021)
إن تسليم المحجوزات وفقاً للمادة (144) من قانون أصول المحاكمات المدنية لكفيل وقت إلقاء الحجز عليها يجعل من الجهة طالبة الحجز- وإن لم تضع يدها على البضائع - مسؤولة عن طلبها وما ترتب عليه من آثار باعتبار أن الحجز كان لمصلحتها وفق ما عناه المشرع في المادة (3/ب/2) من قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية حيث في ضوء إقامة الدعوى بوقف المنافسة غير المشروعة والحجز الذي تم فيها فقد فوت على المدعى عليه فيها فرصة محققة تتمثل في ممارسة نشاطه التجاري وبيع المنتوجات إثر توقف مصنع المدعي عن العمل مما يغدو معه توافر مسؤوليتها(مبدأ مستقى من قرار النقض السابق رقم 1093/2021)

إن نطاق التعويض في المسؤولية الناجمة عن الفعل الضار يشمل الضرر الواقع فعلا والكسب الفائت والضرر المعنوي و من الجائز إثبات الضرر المعنوي وتقديره بالخبرة فإذا بين الخبراء بتقريرهم أسس احتساب الضرر الواقع فعلاً والكسب الفائت والتعويض عن الضرر المعنوي الذي توصلوا إليه فيكون اعتماد تقرير الخبرة من محكمة الاستئناف أساساً للحكم بمحله وموافقاً للقانون.
الكاتب: المستشار القانوني أسامة الحسن والمحامي م عمر القدسي

الكلمات المفتاحية: التعسف في استعمال الحق في التقاضي، سوء نية الخصم، قصد الإضرار بالخصم، دعوى المنافسة غير المشروعة، الحجز التحفظي، المصلحة الشخصية المباشرة والقائمة والمشروعة، الكسب الفائت، الحجز التحفظي، اتحاد المراكز القانونية لأطراف الدعوى، اكتساب الحكم الدرجة القطعية. تحليلا للقرار: تمييز حقوق هيئة عامة رقم (7081/2023)

المحاميان: عمر القدسي واسامة الحسن

In Arabic language

العربية
فتح المحادثة
1
هل تحتاج للمساعدة؟
مرحبا !
هل نستطيع مساعدتك ؟